• الرئيسية
  • كل المواضيع
  • الاتصال بنا
facebook twitter instagram telegram
بشرى حياة
☰
  • اسلاميات
  • حقوق
  • علاقات زوجية
  • تطوير
  • ثقافة
  • اعلام
  • منوعات
  • صحة وعلوم
  • تربية
  • خواطر

عيون المها (2)

مروة حسن الجبوري / الثلاثاء 06 ايلول 2016 / منوعات / 4331
شارك الموضوع :

خرج ((الكبير)) وصوته يرتفع في فناء البستان مخاطبا الفلاحين: اعملوا.. انتم هنا خدم وانا سيدكم... اثارها صوته، وقفت تنظر اليه من النافذة وعينها

خرج ((الكبير))  وصوته يرتفع  في  فناء البستان مخاطبا الفلاحين: اعملوا.. انتم هنا خدم وانا سيدكم... اثارها صوته، وقفت تنظر اليه من النافذة وعينها مملوءة بالحقد، رفعت يدها وطلبت من الله استجابة دعائها، رسمت خطة  تنقذ فيها عائلتها، مع انحدار نظرتها السريعة نحوه، جلب انتباهها تلك الحقيبة السوداء في يده أمعنت النظر فيها، اسعرت روحها، جالت في افكارها، (( الانتقام...((  الكبير)).. الحقيبة السوداء)) ارتخت  يدها على النافذة، تقدمت خلفه بخطوات خافتة، متوجسة وهي تفكر في سر الحقيبة، خرج ((الكبير)) ومعه الحاشية ركب عربته (عربة الربل)، اسرعت وثوبها يعرقل خطواتها سقطت عند اول بركة في المزرعة، اسرع ((الكبير)) كما اسرعت النيران في قلب مها لم تلحق بهم، رجعت بخيبة ويأس ودمعة، بذيل شالها تمسحها خوفا من حزن أمها، وجه ناحل لسيدة اربعينيهة، الشحوب يرتسم فوق ملامحها تجلس تلتقط حبات الطماطم، هزّت رأسها مها وتقول صبرا يا أمي!! مدت يدها لتسحب  يد والدتها المتحجرة ، مسكت الام  بيد مها   واحتضنتها...  من مسافة بعيد لا ترى وقف الاب يرى ابنته وزوجته  يعانقا بعضهما بعضا بين الزرع، ابتسم وتابع حرث الارض.

 اساور الحرية

توالت الايام على مها،  مزقها الصمت، واعتصرها الالم، فلزمت الفراش ولم تقوَ على الحركة،  يكتوي بنار الحقد قلبها، وبعد ان اعتصرت اخر دمعة في عينها، أطلت الفراشات تنشد الألحان حولها صدحت بكلماتٍ تزهو بخيلائها، عاد ((الكبير)) من جولته، تسمع صراخه من بعد امتار، اوصدت الباب مها واختفت  خلف الخزانة، تنظر اليه، عادت بها ذاكرتها الى والدتها وهي تلمع حذاءه بشالها الاسود، مر شريط حياتهم، داهمت ذاكرتها صور الجوع والظلم، توشّحت بها ذاكرتها المتعبة.. حينما كان يسجن اباها عندما افسد الجراد الزرع، لصقت بالخزانة، دخل ((الكبير)) حجرته، اغلق الباب، وجعل الستار الاسود معلق على بابه وهو عبارة عن ((عدم الاقتراب من الحجرة)) ومن يخالف يقتل او يسجن، توقفت الحركة في المزرعة.

مع غروب الشمس، والصفرة الباهتة تعلو وجوه الفلاحين، والحزن يملأ أعينهم، وقفت مها صامتة تهتز وترتجف، استيقظ ((الكبير)) من قيلولته، رفع الستار، أحضر الخدم الفاكهة بأنواعها، تربع على اريكة من خشب مزخرف، بيده مسبحة، يأمر وينهى، انشغل الخدم مع ((الكبير)) وطالباته  التي لا تعد ولا تحصى، تسللت مها الى حجرته، بخطوة الى الامام واخرى الى الخلف، شرعت تقلّب المكان، لعلها تجد  مفتاح حريتها، وهي تنظر إلى سريره الكبير، وخزانته الخشبية، أغمضت عينيها بألم ثم فتحتهما لترى مرآة عالية، اقتربت منها تبدو جميلة مها رغم خوفها تعثرت بشيئ ما صلب، لا ليست حجارة!  بيدها المرتعشة امسكت به، نظرت اليه والدموع السجينة في اعماقها بدت تتحرر، ليست سارقة، تتنفس بصعوبة،  انفتح الصندوق الاسود، تناثرت الاوراق على الارض، تسرع في احتضانها، تبحث عن وثيقة،  عن سند، كثيرة هي الاوراق،  لا تعرف أي ورقة لها، لا تجيد القراءة، حاولت ان تقرأ الحروف لكنها تائهة في بحر الامية، ضاع جهدها وضاق صدرها...

اخذت بعض من هذه الاوراق وجعلتها في سرها، ثمة اصوات قادمة، رتبت حولها واختبأت خلف الباب، يقترب الصوت من الحجرة، دقات قلبها تسمعها، لحظة اختفى الصوت.. انهم الخدم يوقدون المصابيح فقد حل الظلام، أوصدت الباب بأحكام وعادت إلى المطبخ،  بأصابع مرتعشة، تبحث عن مكان تخبئ فيه الاوراق، بين شفتيها كلمات لاهثة، أحلام مقيدة..

دفنت رأسها بين كتفيها ثم أجهشت  بالبكاء، دموع ساخنة أحرقت وجهها، بلهجة ريفية بسيطة، تدعو الله ان يغفر لها، خائفة، ولما حل الليل وسمعت صوت ((الكبير)) ازدادت خوفاً، تجمع الفلاحين بين خائفٍ وباكي، أمر ((الكبير)) بأغلاق البوابة وعدم الخروج منها، صرخ صرخته المعتادة على الخدم، هنالك من دخل حجرتي وسرق الاموال والمصوغات الذهبية، انثروا المكان، ابحثوا عن السارق وان لم تعثروا عليه ستكون رقابكم تحت سيفي، يلوح بعصاه يهدد ويتوعد، ضج المكان فلا احد يعلم ماذا حصل؟؟

 ((الكبير)) وحش وفظا غليظ القلب،  لا يملك أعصابه، أمر بسجن حاشية المزرعة، وتشكيل فرقة من رجاله يبحثون عن المفقودات في كل مكان، ولهم مدة ثلاثة ايام فقط، من اليوم، سقطت مها  على وجهها مذعورة، ماذا تفعل؟ طلع الفجر الحزين على القرية، وهي غارقة في كهف حزنها وحسرتها، فلا صوت ولا حركة،  فقط صوت رجال ((الكبير))، عيون مها غارقة في بحر من الدموع، انطلق صوت  مسعد  شيخ الجامع، وهو يردد الله اكبر.. الله اكبر، صوته لينا شجيا يدخل القلب قبل الاذان،  القرية  مظلمة،  مشت مها  إلى الصلاة  خائرة القوى، وقد اسود فى نظرها الكون، لا تعرف إلى أين هي ذاهبة، نحو الهاوية، نحو الهلاك مطأطأة الرأس، خافضة الطرف،لا يزال ضميرها يئنبها،  انها لم تسرق اموالا ولا ذهبا، جلست على حافة النهر تتوضأ، يسقط الماء من يديها، لا تستطيع ان تغسل وجهها بيدها، بارحت دارهم قبل مطلع الشمس، توجهت لفاطر السموات الارض وأقامت صلاة الفجر، وخلفها والدتها تصلي وهي جالسة، ترفع يديها في جوف الليل، ويحمل الفجر صدى دعواتهم ليطرق بها باب السماء.

اسفر الصبح ولم تنم تلك الليلة عيون مها  على راسها جرّة من الماء، اوقفوها رجال ((الكبير))  وامروا ان تفتش فهي الوحيدة التي هربت ليلة امس من المزرعة، أربعة من الشبان الأشداء من اهل القرية وقفوا بوجههم، ومنعوهم من الامر، اكملت طريقها مها  بين سنابل الحنطة، كانت ساعة رهيبة، وصلت الى باب المزرعة، رجال معلقين..

المرأة
الحياة
العمل
عيون المها
شارك الموضوع :

اضافةتعليق

    تمت الاضافة بنجاح

    التعليقات

    آخر الاضافات

    الصمت الذي أنقذ أمة.. قراءة في الحكمة المغيَّبة من إرث الإمام الحسن

    الخاسرون في اختبار الولاية

    ذكرى استشهاد الإمام الحسن المجتبى ونصائح للشباب

    دراسة تحذر من آثار استخدام الهواتف الذكية على الأطفال

    أقحوانة الخربة: طفلة زلزلت عرش الطغيان

    السيدة رقية: فراشة كربلاء وصرخة المظلومية الخالدة

    آخر القراءات

    أثر الكلمات ..!

    النشر : الأثنين 24 نيسان 2017
    اخر قراءة : منذ ثانية

    العلاقات المحرمة.. نار تبدأ شرارتها من البيئة المنزلية

    النشر : السبت 26 آب 2017
    اخر قراءة : منذ ثانيتين

    ذكرى استشهاد الإمام الحسن المجتبى ونصائح للشباب

    النشر : منذ 7 ساعة
    اخر قراءة : منذ 4 ثواني

    الطب البديل قد يساعد في تخفيف أعراض الصدفية

    النشر : الثلاثاء 09 تشرين الاول 2018
    اخر قراءة : منذ 9 ثواني

    بين ثنايا الفشل والنجاح

    النشر : الثلاثاء 28 نيسان 2020
    اخر قراءة : منذ 14 ثانية

    مشاريع هندسة الطب الحياتي 2: صناعة جهاز تشخيصي لسرطان الغدة الدرقية من خلال التصوير الحراري

    النشر : الخميس 25 آيار 2023
    اخر قراءة : منذ 16 ثانية

    الأكثر قراءة

    • اسبوع
    • شهر

    السيدة رقية: فراشة كربلاء وصرخة المظلومية الخالدة

    • 996 مشاهدات

    التواصل المقطوع

    • 744 مشاهدات

    أقحوانة الخربة: طفلة زلزلت عرش الطغيان

    • 636 مشاهدات

    الإمام السجاد: نور العبادة وشهيد الصبر

    • 618 مشاهدات

    ذكرى استشهاد الإمام الحسن المجتبى ونصائح للشباب

    • 571 مشاهدات

    السيدة زينب ونهضة المسير

    • 441 مشاهدات

    في ذكرى هدم القبة الشريفة: جريمة اغتيال التاريخ وإيذانٌ بمسؤولية الشباب

    • 1071 مشاهدات

    كل محاولاتك إيجابية

    • 1049 مشاهدات

    السيدة رقية: فراشة كربلاء وصرخة المظلومية الخالدة

    • 996 مشاهدات

    كربلاء في شهر الحسين: رحلة في عمق الإيمان وصدى الفاجعة

    • 972 مشاهدات

    زينب الكبرى: لم تكن عاديةً قبل الطف.. والطف لم يُصنعها بل كشف عظمتها

    • 844 مشاهدات

    التواصل المقطوع

    • 744 مشاهدات

    facebook

    Tweets
    صحيفة الكترونية اجتماعية ثقافية بادارة جمعية المودة والازدهار للتنمية النسوية

    الأبواب

    • اسلاميات
    • حقوق
    • علاقات زوجية
    • تطوير
    • ثقافة
    • اعلام
    • منوعات
    • صحة وعلوم
    • تربية
    • خواطر

    اهم المواضيع

    الصمت الذي أنقذ أمة.. قراءة في الحكمة المغيَّبة من إرث الإمام الحسن
    • منذ 7 ساعة
    الخاسرون في اختبار الولاية
    • منذ 7 ساعة
    ذكرى استشهاد الإمام الحسن المجتبى ونصائح للشباب
    • منذ 7 ساعة
    دراسة تحذر من آثار استخدام الهواتف الذكية على الأطفال
    • منذ 7 ساعة

    0

    المشاهدات

    0

    المواضيع

    اخر الاضافات
    راسلونا
    Copyrights © 1999 All Rights Reserved by annabaa @ 2025
    2025 @ بشرى حياة