• الرئيسية
  • كل المواضيع
  • الاتصال بنا
facebook twitter instagram telegram
بشرى حياة
☰
  • اسلاميات
  • حقوق
  • علاقات زوجية
  • تطوير
  • ثقافة
  • اعلام
  • منوعات
  • صحة وعلوم
  • تربية
  • خواطر

الغنى في الغربة وطن، والفقر في الوطن غربة

مروة خالد / الأثنين 05 كانون الأول 2016 / منوعات / 19512
شارك الموضوع :

كنتُ جالسة في قاعة انتظار المطار بالقرب من عائلة مكوّنة من أم و أب و أربعة اطفال ثلاث بنات وولد، لفت انتباهي اسم (غريب) كانت العائلة تلهج به،

كنتُ جالسة في قاعة انتظار المطار بالقرب من عائلة مكوّنة من أم و أب و أربعة اطفال ثلاث بنات وولد، لفت انتباهي اسم (غريب)  كانت العائلة تلهج به، كان الولد اسمه (غريب) فشغلني أمر هذا الاسم و رحت أنظر للولد الذي يبلغ من العمر ستة أعوام و أتساءل: هل نفدت الاسماء؟ أم إنها غالية الثمن؟ حتى يضعون هكذا اسم لهذا الولد الجميل الصورة، الحسن المظهر، فسألت والده عن سبب تسمية ولده بهذا الاسم رغم إن هناك الكثير من الأسماء الجميلة، لماذا يبخس حق ولده ويضع له هكذا اسم، فمن أبسط حقوق الولد على الوالد هو أن يُحسن تسميته.

وراء اسمه حكاية مؤلمة، التمعت عيناه و احتبست دمعات من أثر حزن عميق مرّ عليه أعوام عديدة، حين سألته عن سبب تسمية ولده (غريب)..
كانت ليلة شديدة البرد وكان الظلام حالكا، امتلأت السماء بغيوم رمادية وبدأت أصوات البرق تتعالى،  وتلتمع السماء بين الحين والآخر بضوء فضي يعلن عن سيل غزير من الامطار، كنت قد احضرت الخبز باكراً ماجعلني أطمئن إن بُنياتي سينمنّ وبطونهنّ ملئى بالطعام.
وضعت والدتهن ابريق الشاي على المدفئة لعشائنا المعتاد،  وجلسنا حول المدفئة منتظرين الشاي مستمتعين بالدفئ نتبادل الحديث، لم يتصاعد بخار الابريق بعد إلا وقد بدأت السماء ترسل حبات المطر واحدة تلوى الاخرى، و أخذ المطر يتسابق لإطفاء نار المدفئة، ويبلل ملابسنا وكل شيء من حولنا.
كُنَّ بُنياتي الثلاثة صغيرات لايعرفن معنى انّ السقف لا يحجب عنهن ماء المطر ولكن بدت الدهشة واضحة على وجوههن وبدأن يلحظن ملامح الخوف والقلق التي بدت واضحة على وجهينا أنا و والدتهن أيضا.
أما زوجتي فلم تستطع تحمل الموقف فقلبها الحنون على بناتها  وقلقها عليهن من انهيار السقف، جعل من جسدها النحيل يرتعش، كانت تبحث عن مكان لم يصل إليه ماء المطر لتُجلس بُنياتها الصغيرات، ولكن دون جدوى فسقف بيتنا المكون من غرفة وحمام كغربال لايلبث الماء على سطحه وسرعان ماينزل على روؤسنا كشلالات.
ازدادت حسرتي عليهن  و أخذت أفكر ماذا عساي أن أفعل والمطر يتساقط بغزارة لامثيل لها، دمعت عيناي،  وشعرت بالغربة و بألم يعتصر قلبي،  ولكن ليس بيدي حيلة أن أنقذ بناتي وأمهنّ من الامطار التي حولت تلك الغرفة التي نسكنها إلى بركة ماء.
وبعد ساعة وجدت زوجتي متمددة على الارض يعتصرها ألم المخاض!! لم تحن أيام ولادتها بعد، فهي في بداية الشهر التاسع ولكن شاءت الاقدار أن تلد في تلك الليلة.
المستشفى بعيد جداً ونحن في منطقة نائية.
خرجت في تلك الليلة أبحث عن سيارة أُسعف بها زوجتي إلى المستشفى،  ولكن الجو ممطر والبرد شديد والليل قد انتصف فرحت أركض كالمجنون أبحث  و أبحث، كنت اركض وشريط حياة البؤس والفقر والشقاء يمر أمام عيني،  صور يوم تخرجي من الجامعة وحصولي على شهادة البكالوريوس أنا و زوجتي وصور زواجي منها وكيف دخلنا الحياة الزوجية وكلنا أمل أن نحصل على عمل، صور تتوالى وتتزاحم أمام عيني تكاد تخنقني ألماً،  جعلت صوتي يعلو ببكاء ملؤه الأسف فمنذ تخرجنا من الجامعة و إلى هذه اللحظة لم يحصل كلانا أو حتى أحدنا على وظيفة،  فاضطررت أن أعمل كعامل بناء ونسيت تلك الشهادة التي قضى عليها ماء المطر في تلك الليلة.

 شعرت بألم لم أشعر بمثيله في حياتي، وصلت الى الشارع العام حيث مرور السيارات وقلبي يكاد يتقطع ألماً على زوجتي وبناتي، كنت قلق بشأنهن فسقف البيت أصبح يهدد حياتهن..

وقفت في منتصف الشارع أرجو أن تمر سيارة، ولكن المارّة يظنون إنني مجنون لخروجي بهكذا طقس ووقوفي في الشارع، وبعد أن مر الكثير من الوقت رجعت إلى زوجتي وكنت أدعوا بصوت عال أن يُيسر الله ولادتها، كنت محطماً باكياً وحزينا، شعور بالغربة والوحدة يكبس على صدري، تأخرت كثيراً حتى توقفت احدى سيارات الشرطة، رجعت الى زوجتي التي تركتها تتلوّى من ألم المخاض، وعند دخولي بشرّتني جارتنا التي كنت قد رجوتها أن تكون عند زوجتي وبناتي إلى حين عودتي، إنها ولدت مولوداً ذكرا.
حمدت الله كثيراً أن منّ عليّ ورزقني بمولود ذكر، ويسّر ولادة زوجتي حينها أطلقت على ولدي اسم (غريب) لشعوري بالغربة والوحدة من شدة فقري وقلة حيلتي و أنا في وطني.

إنّ شعور الغربة على المغتربين الذين ابتعدوا عن الوطن مؤلم جدا،ً ولكن الأقسى منه بكثير،  و الأشد ألماً هو أن يعيش الانسان حالة الغربة في وطنه بسبب الفقر وعدم المساواة بين المواطنين.
إن الامام علي (عليه السلام) يقول: "الغنى في الغربة وطن، والفقر في الوطن غربة".
الامام علي (عليه السلام) بهذه المقولة يُقدم صورة تمثيلية لمفهوم الوطن،  وهو الغنى والفقر فحيث يتحقق الغنى يتحقق الوطن وحيث يعم الفقر فلا وطن للانسان.
فإنّ الغريب الذي يملك المال يعد بمثابة المواطن و إن كان غريبا أو مسافرا، والفقير في وطنه يُعد غريباً عنه حتى و إن كان مواطن لأنه لايملك مالاً يسد حاجته.
فتكون هي الغربة الاقسى والأشد من غربة المغترب عن وطنه،  وهذا مالمسته في حياتي فقد كنت غريبا في وطني، فقررت الهجرة إلى بلد آخر هرباً من الفقر.
أما الآن وأنا مغترب لم أشعر بالغربة لوجود المال والسكن، ولم يبقَ مايذكرني بتلك الحادثة سوى اسم ولدي؛ غريب.

الوطن
الفقر
قصة
الحياة
شارك الموضوع :

اضافةتعليق

    تمت الاضافة بنجاح

    التعليقات

    maha
    libanon2017-04-28
    لقد حق قول الامام علي ولكن لدي طلب ممكن ان تبعث مقالا توضح به كيف يكون الفقر في الوطن غربة والعكس

    آخر الاضافات

    بين الغدير وعاشوراء.. نُدبة

    خطورة خبراء الحكومات المستبدة

    ليست للياقة وحدها.. الرياضة قد تفتح لك أبواب النوم العميق

    بوصلة النور

    هذا هو الغدير الحقيقي

    أسعار القهوة تصل إلى مستويات قياسية .. ما السبب؟

    آخر القراءات

    كيف يتطور التفكير عند الفرد؟

    النشر : الثلاثاء 21 كانون الأول 2021
    اخر قراءة : منذ ثانية

    من الاقوى انتَ ام ثمرة الفراولة؟!

    النشر : الثلاثاء 10 تشرين الاول 2017
    اخر قراءة : منذ ثانيتين

    استطلاع رأي: ما سبب لجوء الكثير من النساء الى التجميل؟!

    النشر : الأثنين 10 ايلول 2018
    اخر قراءة : منذ 7 ثواني

    ماهي تقنية النانو المستخدمة في الطب؟

    النشر : الخميس 23 كانون الأول 2021
    اخر قراءة : منذ 8 ثواني

    انكسار امرأة

    النشر : الثلاثاء 02 حزيران 2020
    اخر قراءة : منذ 12 ثانية

    الهروب من الواقع وزيف البصر   

    النشر : الأربعاء 02 آب 2023
    اخر قراءة : منذ 13 ثانية

    الأكثر قراءة

    • اسبوع
    • شهر

    وميض من التاريخ: تتويج إلهي بالولاية

    • 1069 مشاهدات

    الخلود في زمن التفاهة: كيف ينتصر علم الإمام علي على مادية العصر

    • 1020 مشاهدات

    جمعية المودة والازدهار تُنظم ملتقى "خادمات المنبر الحسيني" الثالث

    • 370 مشاهدات

    الغدير.. وعد السماء للمؤمنين

    • 362 مشاهدات

    عارضٌ ينقَدح، وعقولٌ تَميل.. وصيةٌ عابرةٌ للأزمان

    • 336 مشاهدات

    هل أصبح البشر متعلقين عاطفياً بالذكاء الاصطناعي؟

    • 325 مشاهدات

    هاجر حسين كقارئة: طموحات مستقبلية ورسالة ملهمة

    • 3453 مشاهدات

    القليل خير من الحرمان

    • 1084 مشاهدات

    وميض من التاريخ: تتويج إلهي بالولاية

    • 1069 مشاهدات

    الخلود في زمن التفاهة: كيف ينتصر علم الإمام علي على مادية العصر

    • 1020 مشاهدات

    الترند الجديد "لابوبو".. صدفة أم واحدة من أنجح حملات التسويق في 2025؟

    • 1006 مشاهدات

    شهيد العلم والمظلومية.. دروسٌ من سيرة الإمام الجواد للشباب المسلم

    • 994 مشاهدات

    facebook

    Tweets
    صحيفة الكترونية اجتماعية ثقافية بادارة جمعية المودة والازدهار للتنمية النسوية

    الأبواب

    • اسلاميات
    • حقوق
    • علاقات زوجية
    • تطوير
    • ثقافة
    • اعلام
    • منوعات
    • صحة وعلوم
    • تربية
    • خواطر

    اهم المواضيع

    بين الغدير وعاشوراء.. نُدبة
    • منذ 3 ساعة
    خطورة خبراء الحكومات المستبدة
    • منذ 3 ساعة
    ليست للياقة وحدها.. الرياضة قد تفتح لك أبواب النوم العميق
    • منذ 3 ساعة
    بوصلة النور
    • منذ 23 ساعة

    0

    المشاهدات

    0

    المواضيع

    اخر الاضافات
    راسلونا
    Copyrights © 1999 All Rights Reserved by annabaa @ 2025
    2025 @ بشرى حياة