• الرئيسية
  • كل المواضيع
  • الاتصال بنا
facebook twitter instagram telegram
بشرى حياة
☰
  • اسلاميات
  • حقوق
  • علاقات زوجية
  • تطوير
  • ثقافة
  • اعلام
  • منوعات
  • صحة وعلوم
  • تربية
  • خواطر

حين تنطق الحروف: أثر الكلمة في إحياء النهضة الحسينية

‏زينب كاظم التميمي / منذ 9 ساعة / ثقافة / 233
شارك الموضوع :

على الرادود مسؤولية – ربما – تفوق مسؤولية الشاعر، لأنه هو من يوصل تلك الكلمة

في محراب الكلمة، يقف الشاعر كمسؤول يمتلك مفاتيح الأرواح، لا بقوة الصوت، بل بعمق الاختيار. إن عملية انتقاء النصوص الشعرية هي فعلٌ فلسفيّ عميق، يحدّد بوصلة التأثير، ويرسم خريطة العبور إلى وعي المتلقّي وقلبه. فكلّ كلمة يختارها، وكلّ صورة يرسمها، وكلّ إيقاع ينسجه، هي بمثابة نبضة من روحه، تعكس مدى معرفته واطّلاعه.

ومن خلال استماعي وقراءتي للعديد من القصائد، وبما أن لي باعًا في الشعر نظمًا وتذوقًا، فإن قراءتي تكون أكثر عمقًا، واستماعي أكثر دقّة لما يُطرق على مسامعي. لذا، أجد أن بعض القصائد قد بُنيت على أسسٍ وأركانٍ رفيعة، وضع فيها الشاعر "سِكّة" لا يحيد عنها، لا خوفًا ولا التزامًا جامدًا، بل حبًا وإخلاصًا للرسالة. إنها سِكّة بُنيت على ما وصل إلينا من روايات مسندة، وأحاديث صحيحة على لسان المعصوم. حتى في الوصف والمدح، يكون النصّ منضبطًا بالعقيدة السليمة، والرثاء مستندًا إلى الشريعة، والحب منطلقًا من الفطرة النقية.

أما إيصال العِبرة والحكمة، فبحسب المنطق الإلهي، والحماس يكون وفق ميزان العقل. فيُنظَم الشعر عبر توظيف آية، أو رواية، أو دعاء، ويتمّ ربط الموضوع بالإمام المعصوم ربطًا واقعيًا. ومن خلال استماعك لنصوصهم، تلمس اطّلاعًا واسعًا على مؤلّفاتٍ لأصحاب اختصاص، وذلك يعود إلى وعي الشاعر ذاته، ودقّة الرادود في الاختيار؛ ذلك الاختيار الذي يُعلي شأنه أو يُسقطه!

فبعضهم – للأسف – يأسرون المتلقّي بسلاسل من أفكارٍ خارج حدود الفقه، ويقرؤون على منابرهم أساطير وخرافات بأساليب درامية تُغري عقول البسطاء. وهنا لا بدّ من تسليط الضوء على هذه القضيّة؛ فالمنبر رسالة، والقصيدة رسالة، وهذا الجيل – غالبًا – لا يطّلع على التاريخ، بل يعتمد في تشكيل عقيدته وولائه على ما يسمعه من القصائد. فإن وُجد فيها خلل – ولو بسيطًا – في المفردات أو التراكيب، اختلّت معها العقيدة، واهتزّ التمسّك بالإمام وبالشريعة.

لذا، يقتضي الأمرُ التأنّي، والتركيز، والدقّة في الانتقاء. فبعض الرواديد أصبحوا متميّزين، تُعرف أسماؤهم وتُقدّر قصائدهم، لدقّة اختياراتهم. فنراهم يجعلون من القصيدة رسالة، ومن العَبرة طريقًا لترسيخ الحبّ والعقيدة الرفيعة، وبيان عظمة المحبّة لأهل البيت (عليهم السلام).

إن الشاعر الحقيقي هو من يدرك أن الكلمة أمانة، وأن الفنّ مسؤولية. لذا، ينبغي أن يتجاوز اختياره للنصوص مجرّد الجماليات السطحية، ليغوص في أعماق المعنى والصدق. فالنصوص التي تفتقر إلى العمق، أو تتّسم بالابتذال، أو تخلو من الروح، تترك أثرًا وخيمًا في المتلقّي. تتحوّل القصيدة حينها إلى مجرّد رنين أجوف، لا يلامس الوجدان، ولا يثير الفكر، بل تصيب المتلقّي بخيبة أمل، وتُفقده الثقة بقيمة الكلمة، وتُسهم في تدهور الذائقة الأدبية.

النصوص غير الصالحة تُشوّه القضيّة الحسينية، وتُعتم نور المعرفة، وتُشتّت انتباه المتلقّي عن جوهر القضية.

وفي المقابل، فإن النصوص ذات القيمة الأصيلة، التي تتميّز بالرسالة والعمق الفكري والجمال الروحي، تُحدث أثرًا تحويليًا. إذ تصبح القصيدة نافذة يطلّ منها المتلقّي على معارف جديدة، وربما تكون مرآة للتاريخ الذي يجهله البعض. حينها تكون القصيدة منارًا يهتدي به، خاصةً أن الإقبال على روايات واقعة الطفّ محدود.

والشاعر هنا يتحمّل مسؤولية الاطّلاع الدقيق، وتجسيد تلك الروايات شعريًا وفنيًا. لا باعتبارها مجرّد إعادة سرد، بل بوصفها استجلاءً لفلسفة عظيمة، ونبضًا حيًّا ينبع من وجدان الإنسان. فالقضية الحسينية، بما تحمله من قيم التضحية، والشجاعة، والعدالة، والمقاومة، لا تنحصر في زمان أو مكان، بل تُعدّ رمزًا عالميًا للنضال من أجل الحق.

وهذه الروايات ليست حكاياتٍ فحسب، بل نصوصٌ حيّة، تحمل دلالاتٍ عميقة، وتُقدّم دروسًا خالدة. وعندما يستقي الشاعر من هذه النصوص الموثوقة، يمنحها بُعدًا فنيًا وروحيًا، ويزيدها قوة بالمصداقية والأصالة. فالشعر المستمدّ من معين القضية الحسينية، يصبح جسرًا يربط الأجيال بماضٍ مجيد، ويُحيي القيم النبيلة في النفوس.

إنّ أثر هذه النصوص المستقاة من جوهر القضية الحسينية، يكون عظيمًا في وجدان المتلقّي. فهي تثير فيه حزنًا نبيلًا، وتُشعل جذوة الثورة ضد الظلم، وتُعزّز قيم الإباء والكرامة. وهي تلقّنه درسًا بليغًا: أن التضحية من أجل المبادئ لا تذهب سُدى، وأن الدم المراق في سبيل الحقّ هو وقود الثورات ومصباح الهداية.

مسؤولية الشاعر في اختيار نصوصه مسؤولية أخلاقية وفنية عميقة. فعليه أن يكون أمينًا على الكلمة، مدركًا أن لكل اختيار أثرًا لا يُمحى في وعي المتلقّي.

وعلى الرادود مسؤولية – ربما – تفوق مسؤولية الشاعر، لأنه هو من يوصل تلك الكلمة، فإن أحسن الاختيار، أحسن الغرس، وإن أساء، زرع شوكًا في عقولٍ وأرواحٍ عطشى للحقّ والهدى.

الامام الحسين
الشعر
الفن
الكتابة
عاشوراء
كربلاء
شارك الموضوع :

اضافةتعليق

    تمت الاضافة بنجاح

    التعليقات

    آخر الاضافات

    الإمام الحسين.. منارًا أخلاقيًا تحذو به الأمم

    عقلك الباطن خيرٌ لا يُصدق

    دراسة تحذر من تأثير "تشات جي بي تي" على الدماغ!

    زينب الكبرى: لم تكن عاديةً قبل الطف.. والطف لم يُصنعها بل كشف عظمتها

    الآباء والتكنولوجيا: كيف نعيد التوازن في تربية الجيل الرقمي؟

    الخدمة الحسينية… حين يكون الترابُ محرابًا والعرقُ عبادة

    آخر القراءات

    وشاورهم في الأمر

    النشر : الخميس 07 تشرين الاول 2021
    اخر قراءة : منذ 3 ثواني

    الحرائق.. مقدمات ميدانية لوطن منكوب

    النشر : السبت 17 تموز 2021
    اخر قراءة : منذ 6 ثواني

    من درر الجواد.. الأخوة في غير ذات الله عداوة

    النشر : الأحد 11 تموز 2021
    اخر قراءة : منذ 8 ثواني

    ثقافة الإختلاف وقبول الرأي الآخر

    النشر : السبت 19 حزيران 2021
    اخر قراءة : منذ 11 ثانية

    فاجعة البقيع.. جريمة في حق العظماء

    النشر : السبت 22 آيار 2021
    اخر قراءة : منذ 15 ثانية

    الوادي.. وتراتيل الوصول

    النشر : الأربعاء 05 آيار 2021
    اخر قراءة : منذ 18 ثانية

    الأكثر قراءة

    • اسبوع
    • شهر

    زينب الكبرى: لم تكن عاديةً قبل الطف.. والطف لم يُصنعها بل كشف عظمتها

    • 613 مشاهدات

    قيمة الدمعة في مصاب سيد الشهداء

    • 504 مشاهدات

    النساء أكثر عرضة للزهايمر بمرتين... لهذه الأسباب

    • 416 مشاهدات

    واقعة الطف معركة عابرة، أم هي قضية حق وإصلاح؟

    • 377 مشاهدات

    الخدمة الحسينية… حين يكون الترابُ محرابًا والعرقُ عبادة

    • 366 مشاهدات

    تطبيقات الذكاء الاصطناعي

    • 355 مشاهدات

    مأساة مسلم بن عقيل: الغريب الوحيد في كربلاء ودروسٌ للشباب

    • 1291 مشاهدات

    كربلاء في شهر الحسين: رحلة في عمق الإيمان وصدى الفاجعة

    • 903 مشاهدات

    لمن تشتكي حبة القمح إذا كان القاضي دجاجة؟

    • 686 مشاهدات

    مدينة الانتظار: تُجدد البيعة والولاء في عيد الله الأكبر

    • 667 مشاهدات

    اكتشاف الذات.. خطوة لمستقبل أفضل

    • 631 مشاهدات

    الخروج قبل عرفة: موقف الإمام الحسين بين قداسة المكان وخطر الاستهداف

    • 618 مشاهدات

    facebook

    Tweets
    صحيفة الكترونية اجتماعية ثقافية بادارة جمعية المودة والازدهار للتنمية النسوية

    الأبواب

    • اسلاميات
    • حقوق
    • علاقات زوجية
    • تطوير
    • ثقافة
    • اعلام
    • منوعات
    • صحة وعلوم
    • تربية
    • خواطر

    اهم المواضيع

    حين تنطق الحروف: أثر الكلمة في إحياء النهضة الحسينية
    • منذ 9 ساعة
    الإمام الحسين.. منارًا أخلاقيًا تحذو به الأمم
    • منذ 10 ساعة
    عقلك الباطن خيرٌ لا يُصدق
    • منذ 10 ساعة
    دراسة تحذر من تأثير "تشات جي بي تي" على الدماغ!
    • منذ 10 ساعة

    0

    المشاهدات

    0

    المواضيع

    اخر الاضافات
    راسلونا
    Copyrights © 1999 All Rights Reserved by annabaa @ 2025
    2025 @ بشرى حياة