• الرئيسية
  • كل المواضيع
  • الاتصال بنا
facebook twitter instagram telegram
بشرى حياة
☰
  • اسلاميات
  • حقوق
  • علاقات زوجية
  • تطوير
  • ثقافة
  • اعلام
  • منوعات
  • صحة وعلوم
  • تربية
  • خواطر

عرس الدم

‏زينب كاظم التميمي / الأحد 13 تموز 2025 / حقوق / 299
شارك الموضوع :

‏كربلاء... لم تكن قتلًا فقط، بل كانت أعراسًا من نوعٍ آخر، فيها يُزفّ القمر إلى محراب الخلود

في أرض كربلاء كانت الشمس تلفظ أنفاسها الأخيرة على صحراء الطف القاسية، ولهيب المعركة قد بلغ ذروته.

‏تقدم بوجس يخطو بنعلهِ ذو الأسوار بان بياض رجليه بدى الغبار يعلوا كأنهُ يستجدي الرُطبةُ منه ، بعينيه الغائرتان من العطش وشفاهه الذابلة وبالرغم من ذلك الحال فقد كان في وجهه إشراقة الفجر، وفي خطواته خفة الورد. كغصنٍ نديّ، لم يُكمل عقده الأول من العمر، ومع ذلك كانت في قسماته نضج الأنبياء، ووقار الرجال العظام، فتىً صغيراً يحمل سيفاً يكاد يثقله، لكنّ قلبه كان أكبر من ألف سيف.

توقف ما بين خيمةِ عمهِ وخيمةِ أمه حين لمح خيال عمهِ يدنو نحوه انكب على يديه ليقبلها بتوسلٍ ورجاء مرددا دعني ابارزهم يا عماه رفض عمهُ البراز تحير الشاب ثم أخرج رقعةٍ كان قد تركها والده له قبل رحيله إلى عالم الآخرة وهي حصن للحفظ وديعةٌ من ابيه الحسن، ثم قرأ الوصية التي تركها وكانت تقول (إذا رأيت عمك وحيدا فبلغه عني السلام ودافع عنه)

‏احتضنهُ بقوة حتى انكب على رُكبتيه وقد هُدت أركانه وبعد الدمعةِ والأنين قال له الإمام: "كيف ترى الموت يا بُني؟"

‏فردّ بصوتٍ فيه نَفَسُ العاشقين: "أحلى من العسل."

‏قال إذن فقد أوصاني أباك بوصيةٍ لابد من تنفيذها

‏وماهي ياعم

‏قال: أن أعقد لك على ابنتي

‏وضع كفهُ بِكفه وقادهُ إلى المخيم ثم دعا بقية أعمامه ليكونوا شهودا على عُرس الدمِ ذاك!

‏خرج القاسم إلى الميدان كقمر يتهادى في ليلة ظلماء، يقاتل بشجاعة الأسد، ويثبت إقدام الفرسان. كأنما خضب كفه بالحناء ليُزف إلى جنان الخلد، لم تمضِ دقائق حتى اختلط صهيل الخيل بوقع السيوف، كل الحواري كُن يلطمن الرؤوس والصدور لم يُسمع هكذا عرس في التأريخ فالجنان تبكي والسماء نثرت نثارها وما نثارها إلا الدم.

‏ففي أعراس الناس يُخصص مقعد للعريسين والزينة تعلوا المكان والزغاريد والوليمة والثياب الجديدة أما هذا العرس فالغرفة خيمةٌ يسقط عمودها بعد لحظات والشراب هو المقتل أما السرير فأجساد القتلى حناءه دمه وحناء العروس دموعها في المخيم.

‏كل الغلمان يلبّسون بُردًا أبيض ليلة عرسهم، أما هو فقد كُسيت ضلوعه برماح القوم، ولُفّت روحه برداء السماء. سقط وهو يئن، وعيونه تبحث عن كفٍّ تمسح الغبار عن جبينه، فلم يكن إلا الحسين، عمّه، الذي ركض إليه يتعثر بخطاه، يصرخ: "بُنيّ... قاسم... عزّ والله على عمّك أن تدعوه فلا يجيبك، أو يجيبك فلا ينفعك، حمل العم العريس على صدره ليأخذه لغرفة الزينة وضعه على أجساد الشهداء وهو يبكيه بلوعة.

‏العروس على صدر عمتها تنوح فقد هوى عريسها على الأرض، بعد دقائقٍ معدودوة اكتملت المذابح ورضت الصدور وفي طرف الخيمة نارٌ عَلت بدل الشموع وبدل الدفوف تعالى العويلُ والزغاريده كانت أنينَ النساء ونياحَ الثكالى.

‏زفافهُ إلى الموت أما زفافها فقد كان في اليوم الحادي عشر زفت إلى جسد والدها المضمخ بالدماء المرضوض على رمال الصحراء لا تسمع سوى عويلٌ وبكاء واخذت مسبية من أرض كربلاء تحت رعاية الأعداء.

‏في عاشوراء... لم تكن كربلاء ساحة حربٍ فحسب، بل كانت مشهداً أسطورياً لمعانٍ لا تحملها إلا الأرواح العارفة بالله. هناك، كُتبت قصيدة الدم بالدم، وارتفع على أرضها عرش الشهادة.

‏كربلاء... لم تكن قتلًا فقط، بل كانت أعراسًا من نوعٍ آخر، فيها يُزفّ القمر إلى محراب الخلود، وكان القاسم بن الحسن، عريسَ الدم، وملاك العزّ في زمان الذبح.

‏تروي للأجيال قصة هذا الشاب الذي آثر الشهادة على متاع الدنيا، وضحّى بمهجته فداءً لأجل إعلاء كلمة الحق.

عاشوراء
الامام الحسين
كربلاء
التاريخ
الحب
شارك الموضوع :

اضافةتعليق

    تمت الاضافة بنجاح

    التعليقات

    آخر الاضافات

    حين تنطق الحروف: أثر الكلمة في إحياء النهضة الحسينية

    الإمام الحسين.. منارًا أخلاقيًا تحذو به الأمم

    عقلك الباطن خيرٌ لا يُصدق

    دراسة تحذر من تأثير "تشات جي بي تي" على الدماغ!

    زينب الكبرى: لم تكن عاديةً قبل الطف.. والطف لم يُصنعها بل كشف عظمتها

    الآباء والتكنولوجيا: كيف نعيد التوازن في تربية الجيل الرقمي؟

    آخر القراءات

    ماهي الأطعمة المهمة في وجبة الإفطار؟

    النشر : الأثنين 22 آيار 2023
    اخر قراءة : منذ 9 ثواني

    هندسة الجهل: كيف تُصنع أصنام الخرافة على حطام العلم؟

    النشر : الأحد 09 شباط 2025
    اخر قراءة : منذ 13 ثانية

    لا للخوف

    النشر : الثلاثاء 01 تشرين الثاني 2016
    اخر قراءة : منذ 18 ثانية

    إشراقة ميلاد صاحب الزمان بشائر من الأمل تلوح في الأفق

    النشر : السبت 05 آيار 2018
    اخر قراءة : منذ 19 ثانية

    هل \"صباح الخير\" جملة رومانسية؟

    النشر : الثلاثاء 11 شباط 2020
    اخر قراءة : منذ 21 ثانية

    هل تصح الصداقة بين الرجل والمرأة؟

    النشر : الخميس 16 آب 2018
    اخر قراءة : منذ 22 ثانية

    الأكثر قراءة

    • اسبوع
    • شهر

    زينب الكبرى: لم تكن عاديةً قبل الطف.. والطف لم يُصنعها بل كشف عظمتها

    • 613 مشاهدات

    قيمة الدمعة في مصاب سيد الشهداء

    • 504 مشاهدات

    النساء أكثر عرضة للزهايمر بمرتين... لهذه الأسباب

    • 416 مشاهدات

    واقعة الطف معركة عابرة، أم هي قضية حق وإصلاح؟

    • 377 مشاهدات

    الخدمة الحسينية… حين يكون الترابُ محرابًا والعرقُ عبادة

    • 368 مشاهدات

    تطبيقات الذكاء الاصطناعي

    • 355 مشاهدات

    مأساة مسلم بن عقيل: الغريب الوحيد في كربلاء ودروسٌ للشباب

    • 1291 مشاهدات

    كربلاء في شهر الحسين: رحلة في عمق الإيمان وصدى الفاجعة

    • 903 مشاهدات

    لمن تشتكي حبة القمح إذا كان القاضي دجاجة؟

    • 686 مشاهدات

    مدينة الانتظار: تُجدد البيعة والولاء في عيد الله الأكبر

    • 667 مشاهدات

    اكتشاف الذات.. خطوة لمستقبل أفضل

    • 631 مشاهدات

    الخروج قبل عرفة: موقف الإمام الحسين بين قداسة المكان وخطر الاستهداف

    • 618 مشاهدات

    facebook

    Tweets
    صحيفة الكترونية اجتماعية ثقافية بادارة جمعية المودة والازدهار للتنمية النسوية

    الأبواب

    • اسلاميات
    • حقوق
    • علاقات زوجية
    • تطوير
    • ثقافة
    • اعلام
    • منوعات
    • صحة وعلوم
    • تربية
    • خواطر

    اهم المواضيع

    حين تنطق الحروف: أثر الكلمة في إحياء النهضة الحسينية
    • منذ 10 ساعة
    الإمام الحسين.. منارًا أخلاقيًا تحذو به الأمم
    • منذ 10 ساعة
    عقلك الباطن خيرٌ لا يُصدق
    • منذ 10 ساعة
    دراسة تحذر من تأثير "تشات جي بي تي" على الدماغ!
    • منذ 10 ساعة

    0

    المشاهدات

    0

    المواضيع

    اخر الاضافات
    راسلونا
    Copyrights © 1999 All Rights Reserved by annabaa @ 2025
    2025 @ بشرى حياة