قال الإمام الصادق (عليه السلام): (الفاطمة ثمانية أسماء: الصديقة، والزهراء، والطاهرة، والزكية، والرضية، والمرضية، والبتول، وفاطمة)١.
أما اسمها فاطمة فهو مشتق من الفطم بمعنى القطع، يقال: فطمت الأم صبيها، وفطمت الرجل عن عادته، إذا قطعته عنها واسم (فاطمة) مشهور عند العرب، ومتداول بينهم بكثرة، وقد بلغ عدد الصحابيات المسميات بفاطمة ٢٤ صحابية)٢، لكن لشرعية الاسم في حق الزهراء، فهذا يعني أن فاطمة الله قد منعت نفسها ابتداءً من مواقعة المعصية، وكذلك من كثير من الأشياء المباحة، فمنعها الله من النار انتهاء وجزاء.
إن هناك خصوصية جزائية واستثنائية تكريمية من الله لها تسلط الضوء على سبب التسمية أيضا؛ إذ أنه فطمها وفطم أولادها ومحبيها من النار، ممن كان منهم على التوحيد والإيمان، والعمل الصالح؛ فقد روى الإمام الرضا بسنده عن آبائه، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : (إنما سُمِّيَتِ ابنتي فاطمة؛ لأن الله تعالى فَطَمَهَا وفَطَمَ مَنْ أحبها من النار)٣، وفي رواية أخرى من طريق أهل البيت عن الإمام عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عليه السلام) قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ الله (صلى الله عليه وآله) يَقُولُ: (إِنَّمَا سُمِّيَتْ فَاطِمَةَ لَأَنَّ اللَّهَ فَطَمَهَا وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ النَّارِ لَنْ لَقِيَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ مِنْهُمْ بِالتَّوْحِيدِ وَالْإِيمَانِ بِمَا جِئْتُ بِهِ)٤.
وهذا يبين أن التسمية الفاطمة عليا كانت تسمية توقيفية من الله عز وجل، أوحى بها إلى نبيه، الأمر الذي يبين أيضا أن مولدها كان بعد نزول الوحي، وهو يرجح ما ترجح سابقا من أنها ولدت في عام البعثة.
ولا شك أن من يُحِبُّها بصدق وإخلاص ومعرفة فإنه يعني أنه محب لقيم الحق والشجاعة والعفاف والشرف، ومكارم الأخلاق، التي تحلت بها الزهراء سلام الله عليها، ومن يكون كذلك فإنه "يقترن بحب خصال الخير وعقائد الحق التي كان ينطوي عليها قلبها الطاهر، مع الانقطاع عن كل ما يمت إلى الشر بصلة من الظلم والبغي والعدوان"٥، وهذا ما يؤهله لأن يكون مفطوما من النار، ويسبب له أن يتجنب المعاصي المسخطة الله تعالى، ويسارع في مرضاته.
وأما لقب الزهراء: فهو من الزهر والأَزْهَرُ من الرجال: الأبيض العتيق البياض النيرُ الحَسَنُ وهو أحسن البياض كأَنَّ لَه بَرِيقاً ونُوراً يُزْهِرُ كما يُزْهِرُ النجم، والأنثى من ذلك: زهراء في صفته أنه كان أزْهَرَ اللون، والأزهر الأبيض المستنير، والزهر والزهرة البياض النير وهو أحسن الألوان، وإذا عرفنا مشابهة فاطمة لأبيها اتضح لنا بشكل جيد مأخذ تسميتها أو تلقيبها بالزهراء، ويراد به إشراق نور إيمانها، وإضاءته على إيمان غيرها، سُمِّيت بالزهراء لأنها زهرة المصطفى.
يستفاد من جملة الأحاديث والأخبار أن فاطمة لا عُرِفَتْ بالزهراء الجمال هيئتها والنور الساطع في غُرّتها فهي مزهرة كالشمس الضاحية، ومشرقة كالقمر المنير، وأما لقب البتول فالبتل في اللغة هو القطع، والتبتل هو الانقطاع إلى الله، والإخلاص إليه إخلاصا.
لم قيل لفاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله) بالبتول؟ فقال علماء اللغة: لانقطاعها عن نساء أهل زمانها ونساء الأمة عفافاً وفضلاً وديناً وحسباً، إضافة لانقطاعها عن الدنيا، إضافة لأنها منقطعة القرين نبلاً وشرفاً وأيضاً لأنها امرأة مُبتلة الخلق أي منقطعة الخلق عن النساء، لها عليهن فضل، وهي معان تتوافق وما كانت عليه فاطمة من العبادة الله والإخلاص له، والانقطاع إليه، والسيادة والفضل على نساء العالمين.
وأما ألقابها الأخرى الصديقة، والطاهرة، والزكية، والرضية، والمرضية، فإنها ألقاب تشير إلى أوصافها العظيمة، من الصدق، والطهارة، والزكاء والرضا منها وعليها.
اضافةتعليق
التعليقات