• الرئيسية
  • كل المواضيع
  • الاتصال بنا
facebook twitter instagram telegram
بشرى حياة
☰
  • اسلاميات
  • حقوق
  • علاقات زوجية
  • تطوير
  • ثقافة
  • اعلام
  • منوعات
  • صحة وعلوم
  • تربية
  • خواطر

وطن من ورق

مروة حسن الجبوري / الخميس 06 نيسان 2017 / حقوق / 2956
شارك الموضوع :

في صباح يوم الجمعة كانت رازان تُلاعب اخوتها في ساحة الدار في يوم عطلتهم، اصوات ضحكاتهم تُعانق السماء، وألعابهم تفترش الأرض، قطع صغيرة وكبير

في صباح يوم الجمعة كانت رازان تُلاعب اخوتها في ساحة الدار في يوم عطلتهم، اصوات ضحكاتهم تُعانق السماء، وألعابهم تفترش الأرض، قطع صغيرة وكبيرة، الصغير يختبئ خلف الشجرة ويغمض عينه حتى يختفي اخوته، وبعدها ترتفع الاصوات، (حَلّول)، يبحث عنهم في كل مكان، تحت الطاولة، وراء النافذة، لا يجدهم، يشعر بالتعب ويبدأ يصرخ في المكان، أين انتم؟، يظهرون من تحت الأماكن ويمسكون به، ليشعروه انهم هنا بجانبه.

 رازان تُراقب اخوتها خوفاً من السقوط، شعرت بالملل والارهاق من المراقبة وصراخ اخوتها، جلبت من المكتبة دفتر وكتاب لتكتب الدرس، وعينيها تدور حول الصغار، في هذه اللحظة، وعلى الجانب الآخر من الساحة يركضون الصغار، ومع نظرة الخوف من عينيها، بضحكة شفافة، وتلحن في داخلها لحن الطفولة، أقبل مجيد نحو رازان أخته يشدها من جديلتها الشقراء وهو يبكي، احتضنت دموعه الساخنة اوراق الكتاب، هناك من أزعجه واخرجه من اللعبة، رازان تحتضن أخيها وتلاعب شعره وتترك قبلة على جبينه الناعم وتُهدىء من حسرته:

اجلس بقربي يا صغيري سأصنع لك لعبة من الورق.

يهز برأسه ويمسح دموعه بملابسه، يبتسم لها، لو ترجمت هذه الابتسامة لكانت شكراً.

أخذت رازان أوراق من دفترها، وبدأت تلفها وتقص منها، واخيها يراقب حركات يديها وكأنها تغزل.

صنعت له سفينة من ورق، يلهو بها عند بركة الماء الموجودة في فناء البيت، أخذها وهو يراقص الهواء بسفينته الورقية، اقترب الاخوين من مجيد و نظروا ما بيده، عرفوا ان رازان هي من صنعت هذا، فلا احد يتقن فن الورق غيرها.

حضروا عندها يتوسلون ان تصنع لهم كما صنعت لمجيد، رازان لا مجال للدراسة لها اليوم، فطلبات اخوتها لم تنتهي بعد، احمد يرغب ان تصنع له طائرة ورقية يحلق بها في سماء البيت، رافيل كانت تلح ان تكون لعبتها فتاة من ورق، الأوراق تملأ المكان، اكملت رازان لعبة احمد، شردت قليلاً، كيف تعمل لرافيل فتاة من ورق!، اخذت القلم ورسمت فتاة ذات شعر قصير على ملامح ساندي بل، وقصت الورق ولونت شعرها، سعادة رافيل لا توصف، الاطفال يلهون بألعابهم الورقية.

رازان تُرتب المكان بعدما أصبح فوضى، رمت بنفسها على الكرسي المصنوع من الخشب، وهمَّت بقراءة الكتاب، فتحت الكتاب وجسدها يئن من التعب، تقلب الصفحات، فجأة اغلقت الكتاب، وغارت عينيها بالدموع، شهقت، زفراتها كادت أن تحرق من حولها، لولا دموعها التي اطفأت تلك النار، لا أحد يجرأ أن يسألها ما بها؟

 وقفوا صامتين ينظرون لامطار دموعها، و رعد روحها، وبرق جسدها، متى تنتهي العاصفة وتعود رازان الى حالها، ألقت الشمس سلامها وبدأت تودعهم، دخل الاولاد الحجرة، وبقيت هي جالسة لا تقوى على القيام، وكيف بها أن تقوم؟ 

 استخرجت الصورة من الكتاب، وبدأت  تشمها تارة، وتمر بها على قلبها تارة، تتلو كلمات لا يفهمها غيرها، بدأ العد التنازلي وعرضت الذاكرة  فيلم الطفولة، وبدأ العرض الأول لطفلة كانت مع امها، وتابعت الاحداث عندما أنجبت الام اولادها الثلاث بعدها، وكيف كانوا يعيشون بسلام وأمان، اقتربت من المشهد الاخير، المشهد الذي مازال في ذاكرة رازان، تنهار عند عرض تفاصيل ذاك اليوم، الصورة هي التي نطقت وليست رازان، لو نظرت لها لقلت انها من زمن الابيض والاسود، لا تحسب انها من قبل ثلاثة أعوام فقط أُخذت هذه الصورة، جثة على الارض غارقة في الدم، مفتوحة الجسد، الرصاص نُقش على جسدها، والرأس ينزف ذكريات وصور أطفالها الاربعة، كانت أسيرة في يد داعش وقتلوها مع عشرة نساء بطريقة وحشية وسجنوا أولادها في حجرة لا يعرف بها الليل من النهار، صورة واحدة عرضت فيلم في ذاكرة رازان، نسيم الماضي يحرِّك خصلات شعرها الناعمة، تضطرم ذاكرتها لزمن كان فيه الدمار والقتل والبارود.

الخوف يسكن ارجائها وضحايا الحزن واشلاء الاطفال ترسم على خارطة صدرها، لتشعرها بمدينة كانت من الاموات لسنوات سقطت مقهورة مغصوبة، لو بعث الله إليهم رجالاً فأحيوها بأمره، واطلقوا سراحهم من ايدي الارهاب، وجاءوا بهم في هذا الدار، مع بقية من النازحين لتأمينهم من الموت، لا يسألونا عن ديننا ولا عن اسمائنا، غايتهم هو نجاتنا من السجن، وهناك من يحمل اخي الصغير، لو صح التعبير لقلت كنا مع الشياطين وجاءت الملائكة.

 سقطت الصورة من يدها، لتلتقطها، قبلتها وجعلتها في قلب الكتاب خوفاً على اخوانها من رؤيتها، نظرت إلى السماء ورفعت كفَّيها وشدتهما نحو السماء تدعو لامها بالرحمة والمغفرة ولحشد وطنها بالسلامة والنصر، ولمدينتها بالحياة والعافية، لأول مرة  ترى سماء مدينتهم صافية من دون دخان او رصاص، في تلك اللحظة شعرت بطمأنينة عجيبة، ورغبت هي الاخرى ان تصنع لنفسها شيء من ورق، جمعت الاوراق الممزقة وصنعت وطناً من ورق.

قصة
العراق
الحشد الشعبي
النازحين
الارهاب
الوطن
شارك الموضوع :

اضافةتعليق

    تمت الاضافة بنجاح

    التعليقات

    آخر الاضافات

    ‏ ما بعد الرومانسية: اختيار يصنع العمر

    دخلاء العلاج الطبيعي.. بين وهم المعرفة وخطورة الممارسة العشوائية

    استراتيجيات التعايش الذكي مع التحديات الشخصية في العلاقات

    كيف تحمي نفسك من القاتل الصامت المسبب للسكتة الدماغية!

    عادة يومية توصلك للحياة الطيبة

    التفكير وعلاقته بحالتنا النفسية

    آخر القراءات

    جبل عباس علي في ألبانيا: رمز التعايش الديني تحت راية العباس

    النشر : الأحد 04 آب 2024
    اخر قراءة : منذ 4 دقائق

    الامام الحسين.. رمز للإنسانية وخيمة لكل الأديان والطوائف

    النشر : الخميس 27 ايلول 2018
    اخر قراءة : منذ 4 دقائق

    الماسونية في بيتك.. انتبه!

    النشر : الأربعاء 29 نيسان 2020
    اخر قراءة : منذ 4 دقائق

    ما الوقت الذي عليكِ انتظاره بين صبغات الشعر؟

    النشر : الثلاثاء 26 تشرين الاول 2021
    اخر قراءة : منذ 4 دقائق

    أم البنين.. أم استثنائية ولدت رجالا استثنائيين

    النشر : الأربعاء 19 كانون الثاني 2022
    اخر قراءة : منذ 5 دقائق

    الندرة المضللة: تأثير روميو وجولييت

    النشر : الخميس 20 شباط 2020
    اخر قراءة : منذ 5 دقائق

    الأكثر قراءة

    • اسبوع
    • شهر

    من درر شيخ الأئمة: "أن تنجو بنفسك… هو أرقى رد"

    • 536 مشاهدات

    مولد النور: في ذكرى البعثة المحمدية التي أنارت للبشرية الدرب

    • 477 مشاهدات

    الولادة النبوية.. رسالة كونية غيبية

    • 413 مشاهدات

    الإمام الصادق: رؤيته لقضايا المجمتع ومعالجة مظاهر الإنحراف

    • 367 مشاهدات

    محاولة الانتقال إلى الأفضل..

    • 351 مشاهدات

    علم الإمام الصادق: بين الوحي والاجتهاد

    • 333 مشاهدات

    بحر الزائرين: ذكرى استشهاد الإمام العسكري تعيد رسم خريطة الولاء في سامراء

    • 1193 مشاهدات

    الشورى: وعي ومسؤولية لبناء مجتمع متكامل.. ورشة لجمعية المودة والازدهار

    • 1156 مشاهدات

    الإمام الحسن العسكري: التمهيد الهادئ لعصر الغيبة

    • 1093 مشاهدات

    العباءة الزينبية: رمز الهوية والعفاف في كربلاء

    • 1081 مشاهدات

    اللغة الإنجليزية عقدة الجيل: لماذا نفشل في تعلمها رغم كثرة الفرص؟

    • 1063 مشاهدات

    مشاعرُ خادم

    • 664 مشاهدات

    facebook

    Tweets
    صحيفة الكترونية اجتماعية ثقافية بادارة جمعية المودة والازدهار للتنمية النسوية

    الأبواب

    • اسلاميات
    • حقوق
    • علاقات زوجية
    • تطوير
    • ثقافة
    • اعلام
    • منوعات
    • صحة وعلوم
    • تربية
    • خواطر

    اهم المواضيع

    ‏ ما بعد الرومانسية: اختيار يصنع العمر
    • منذ 7 ساعة
    دخلاء العلاج الطبيعي.. بين وهم المعرفة وخطورة الممارسة العشوائية
    • منذ 7 ساعة
    استراتيجيات التعايش الذكي مع التحديات الشخصية في العلاقات
    • منذ 7 ساعة
    كيف تحمي نفسك من القاتل الصامت المسبب للسكتة الدماغية!
    • منذ 7 ساعة

    0

    المشاهدات

    0

    المواضيع

    اخر الاضافات
    راسلونا
    Copyrights © 1999 All Rights Reserved by annabaa @ 2025
    2025 @ بشرى حياة