• الرئيسية
  • كل المواضيع
  • الاتصال بنا
facebook twitter instagram telegram
بشرى حياة
☰
  • اسلاميات
  • حقوق
  • علاقات زوجية
  • تطوير
  • ثقافة
  • اعلام
  • منوعات
  • صحة وعلوم
  • تربية
  • خواطر

وطن من ورق

مروة حسن الجبوري / الخميس 06 نيسان 2017 / حقوق / 2879
شارك الموضوع :

في صباح يوم الجمعة كانت رازان تُلاعب اخوتها في ساحة الدار في يوم عطلتهم، اصوات ضحكاتهم تُعانق السماء، وألعابهم تفترش الأرض، قطع صغيرة وكبير

في صباح يوم الجمعة كانت رازان تُلاعب اخوتها في ساحة الدار في يوم عطلتهم، اصوات ضحكاتهم تُعانق السماء، وألعابهم تفترش الأرض، قطع صغيرة وكبيرة، الصغير يختبئ خلف الشجرة ويغمض عينه حتى يختفي اخوته، وبعدها ترتفع الاصوات، (حَلّول)، يبحث عنهم في كل مكان، تحت الطاولة، وراء النافذة، لا يجدهم، يشعر بالتعب ويبدأ يصرخ في المكان، أين انتم؟، يظهرون من تحت الأماكن ويمسكون به، ليشعروه انهم هنا بجانبه.

 رازان تُراقب اخوتها خوفاً من السقوط، شعرت بالملل والارهاق من المراقبة وصراخ اخوتها، جلبت من المكتبة دفتر وكتاب لتكتب الدرس، وعينيها تدور حول الصغار، في هذه اللحظة، وعلى الجانب الآخر من الساحة يركضون الصغار، ومع نظرة الخوف من عينيها، بضحكة شفافة، وتلحن في داخلها لحن الطفولة، أقبل مجيد نحو رازان أخته يشدها من جديلتها الشقراء وهو يبكي، احتضنت دموعه الساخنة اوراق الكتاب، هناك من أزعجه واخرجه من اللعبة، رازان تحتضن أخيها وتلاعب شعره وتترك قبلة على جبينه الناعم وتُهدىء من حسرته:

اجلس بقربي يا صغيري سأصنع لك لعبة من الورق.

يهز برأسه ويمسح دموعه بملابسه، يبتسم لها، لو ترجمت هذه الابتسامة لكانت شكراً.

أخذت رازان أوراق من دفترها، وبدأت تلفها وتقص منها، واخيها يراقب حركات يديها وكأنها تغزل.

صنعت له سفينة من ورق، يلهو بها عند بركة الماء الموجودة في فناء البيت، أخذها وهو يراقص الهواء بسفينته الورقية، اقترب الاخوين من مجيد و نظروا ما بيده، عرفوا ان رازان هي من صنعت هذا، فلا احد يتقن فن الورق غيرها.

حضروا عندها يتوسلون ان تصنع لهم كما صنعت لمجيد، رازان لا مجال للدراسة لها اليوم، فطلبات اخوتها لم تنتهي بعد، احمد يرغب ان تصنع له طائرة ورقية يحلق بها في سماء البيت، رافيل كانت تلح ان تكون لعبتها فتاة من ورق، الأوراق تملأ المكان، اكملت رازان لعبة احمد، شردت قليلاً، كيف تعمل لرافيل فتاة من ورق!، اخذت القلم ورسمت فتاة ذات شعر قصير على ملامح ساندي بل، وقصت الورق ولونت شعرها، سعادة رافيل لا توصف، الاطفال يلهون بألعابهم الورقية.

رازان تُرتب المكان بعدما أصبح فوضى، رمت بنفسها على الكرسي المصنوع من الخشب، وهمَّت بقراءة الكتاب، فتحت الكتاب وجسدها يئن من التعب، تقلب الصفحات، فجأة اغلقت الكتاب، وغارت عينيها بالدموع، شهقت، زفراتها كادت أن تحرق من حولها، لولا دموعها التي اطفأت تلك النار، لا أحد يجرأ أن يسألها ما بها؟

 وقفوا صامتين ينظرون لامطار دموعها، و رعد روحها، وبرق جسدها، متى تنتهي العاصفة وتعود رازان الى حالها، ألقت الشمس سلامها وبدأت تودعهم، دخل الاولاد الحجرة، وبقيت هي جالسة لا تقوى على القيام، وكيف بها أن تقوم؟ 

 استخرجت الصورة من الكتاب، وبدأت  تشمها تارة، وتمر بها على قلبها تارة، تتلو كلمات لا يفهمها غيرها، بدأ العد التنازلي وعرضت الذاكرة  فيلم الطفولة، وبدأ العرض الأول لطفلة كانت مع امها، وتابعت الاحداث عندما أنجبت الام اولادها الثلاث بعدها، وكيف كانوا يعيشون بسلام وأمان، اقتربت من المشهد الاخير، المشهد الذي مازال في ذاكرة رازان، تنهار عند عرض تفاصيل ذاك اليوم، الصورة هي التي نطقت وليست رازان، لو نظرت لها لقلت انها من زمن الابيض والاسود، لا تحسب انها من قبل ثلاثة أعوام فقط أُخذت هذه الصورة، جثة على الارض غارقة في الدم، مفتوحة الجسد، الرصاص نُقش على جسدها، والرأس ينزف ذكريات وصور أطفالها الاربعة، كانت أسيرة في يد داعش وقتلوها مع عشرة نساء بطريقة وحشية وسجنوا أولادها في حجرة لا يعرف بها الليل من النهار، صورة واحدة عرضت فيلم في ذاكرة رازان، نسيم الماضي يحرِّك خصلات شعرها الناعمة، تضطرم ذاكرتها لزمن كان فيه الدمار والقتل والبارود.

الخوف يسكن ارجائها وضحايا الحزن واشلاء الاطفال ترسم على خارطة صدرها، لتشعرها بمدينة كانت من الاموات لسنوات سقطت مقهورة مغصوبة، لو بعث الله إليهم رجالاً فأحيوها بأمره، واطلقوا سراحهم من ايدي الارهاب، وجاءوا بهم في هذا الدار، مع بقية من النازحين لتأمينهم من الموت، لا يسألونا عن ديننا ولا عن اسمائنا، غايتهم هو نجاتنا من السجن، وهناك من يحمل اخي الصغير، لو صح التعبير لقلت كنا مع الشياطين وجاءت الملائكة.

 سقطت الصورة من يدها، لتلتقطها، قبلتها وجعلتها في قلب الكتاب خوفاً على اخوانها من رؤيتها، نظرت إلى السماء ورفعت كفَّيها وشدتهما نحو السماء تدعو لامها بالرحمة والمغفرة ولحشد وطنها بالسلامة والنصر، ولمدينتها بالحياة والعافية، لأول مرة  ترى سماء مدينتهم صافية من دون دخان او رصاص، في تلك اللحظة شعرت بطمأنينة عجيبة، ورغبت هي الاخرى ان تصنع لنفسها شيء من ورق، جمعت الاوراق الممزقة وصنعت وطناً من ورق.

قصة
العراق
الحشد الشعبي
النازحين
الارهاب
الوطن
شارك الموضوع :

اضافةتعليق

    تمت الاضافة بنجاح

    التعليقات

    آخر الاضافات

    الصمت الذي أنقذ أمة.. قراءة في الحكمة المغيَّبة من إرث الإمام الحسن

    الخاسرون في اختبار الولاية

    ذكرى استشهاد الإمام الحسن المجتبى ونصائح للشباب

    دراسة تحذر من آثار استخدام الهواتف الذكية على الأطفال

    أقحوانة الخربة: طفلة زلزلت عرش الطغيان

    السيدة رقية: فراشة كربلاء وصرخة المظلومية الخالدة

    آخر القراءات

    تداعيات نفسية واجتماعية واقتصادية تسببها أزمة الكهرباء في العراق

    النشر : الأربعاء 13 ايلول 2017
    اخر قراءة : منذ ثانية

    عصا السيلفي.. تعرف على أضرارها وتاريخ ظهورها

    النشر : الأحد 14 نيسان 2019
    اخر قراءة : منذ 5 ثواني

    لحظة جنون

    النشر : الأربعاء 26 تموز 2017
    اخر قراءة : منذ 24 ثانية

    المرأة المسلمة وتحديات ظهورها الإعلامي

    النشر : السبت 19 آب 2017
    اخر قراءة : منذ 28 ثانية

    كيف يعالج الثوم بعض الأمراض المزمنة؟

    النشر : الأحد 20 تشرين الثاني 2022
    اخر قراءة : منذ 29 ثانية

    مطبخ سبع نجوم

    النشر : الأثنين 22 آيار 2017
    اخر قراءة : منذ 33 ثانية

    الأكثر قراءة

    • اسبوع
    • شهر

    السيدة رقية: فراشة كربلاء وصرخة المظلومية الخالدة

    • 993 مشاهدات

    التواصل المقطوع

    • 744 مشاهدات

    أقحوانة الخربة: طفلة زلزلت عرش الطغيان

    • 636 مشاهدات

    الإمام السجاد: نور العبادة وشهيد الصبر

    • 618 مشاهدات

    السيدة زينب ونهضة المسير

    • 441 مشاهدات

    (زعفر) سلطان الجان

    • 354 مشاهدات

    في ذكرى هدم القبة الشريفة: جريمة اغتيال التاريخ وإيذانٌ بمسؤولية الشباب

    • 1071 مشاهدات

    كل محاولاتك إيجابية

    • 1049 مشاهدات

    السيدة رقية: فراشة كربلاء وصرخة المظلومية الخالدة

    • 993 مشاهدات

    كربلاء في شهر الحسين: رحلة في عمق الإيمان وصدى الفاجعة

    • 972 مشاهدات

    زينب الكبرى: لم تكن عاديةً قبل الطف.. والطف لم يُصنعها بل كشف عظمتها

    • 844 مشاهدات

    التواصل المقطوع

    • 744 مشاهدات

    facebook

    Tweets
    صحيفة الكترونية اجتماعية ثقافية بادارة جمعية المودة والازدهار للتنمية النسوية

    الأبواب

    • اسلاميات
    • حقوق
    • علاقات زوجية
    • تطوير
    • ثقافة
    • اعلام
    • منوعات
    • صحة وعلوم
    • تربية
    • خواطر

    اهم المواضيع

    الصمت الذي أنقذ أمة.. قراءة في الحكمة المغيَّبة من إرث الإمام الحسن
    • منذ 6 ساعة
    الخاسرون في اختبار الولاية
    • منذ 6 ساعة
    ذكرى استشهاد الإمام الحسن المجتبى ونصائح للشباب
    • منذ 6 ساعة
    دراسة تحذر من آثار استخدام الهواتف الذكية على الأطفال
    • منذ 6 ساعة

    0

    المشاهدات

    0

    المواضيع

    اخر الاضافات
    راسلونا
    Copyrights © 1999 All Rights Reserved by annabaa @ 2025
    2025 @ بشرى حياة