أ- يشعر المراهق حين يلتقي بصديقه أو أصدقائه أنه يجالس من يفهمه حق الفهم ومن يعاني من جنس ما يعانيه ولهذا فإنه يكون معه على طبيعته، ويكشف له عن أسراره الشخصية، وقد يحدثه عن بعض أسرار أسرته، بل قد ينتقد أباه أو أمه أمامه كما أنه يكون أقل تهذيباً وانضباطاً في استخدام اللغة.
ب- يحاول المراهقون باستمرار اصطناع المناسبات للقاء بعضهم بعضاً فهذا احتفال وتقديم للهدايا بمناسبة نجاح فلان وهذا لقاء من أجل مذاكرة الدروس بشكل جماعي، وهذا اجتماع للسلام على الصديق الفلاني القادم من سفر، وهكذا لا يكاد ينقضي لقاء حتى يتم الترتيب للقاء آخر وأحياناً تتطور هذه اللقاءات وتصبح محفوفة بالمخاطر وذلك حين ينام المراهقون بعضهم في بيوت بعض أو حين يرتبون للذهاب إلى خارج البلد في رحلات تستمر أياماً.
ج- جرت عادة المراهقين بمناصرة بعضهم بعضاً، حيث تجد أن الواحد منهم يدافع عن أصدقائه في كل الأحوال، وإذا أخطأ المراهق وجد في أصدقائه من يعذره ويؤوّل خطأه، ويهون منه، وهم يلتزمون بذلك، وكأنه جزء من ميثاق أجمعوا عليه وهذه المناصرة هي جزء من مساعيهم في تأمين المشروعية لاستمرار لقاءاتهم، لأن نقد المراهق لصديقه سيحفز أهله على أن يطلبوا منه الابتعاد عنه وهذا ما لا يريده، وكثيراً ما تتجلى مناصرة المراهقين بعضهم لبعض في التكتم على تحركاتهم وأخبارهم، حيث إن كثيراً من المراهقين لا يرتاحون للحديث عن أصدقائهم أمام أهليهم، بل لا يرتاحون لمعرفة الأهل بأسماء أولئك الأصدقاء أو أماكن سكناهم، وذلك لأن المراهق كثيراً ما يخاف من أن يقوم واحد من أهله بسؤال أصدقائه عنه، إن هذا يعني أنه مستضعف وغير موثوق كما يعني أنه ما زال تابعاً لغيره، وهذا شيء يقاومه المراهقون بشدة.
د- يجري المراهقون الكثير من المكالمات الطويلة فيما بينهم ويرون في المكالمات بديلاً جيداً عند تعذر اللقاء المباشر، وكم شكا الآباء والأمهات من أن أولادهم لا يدعون هاتف المنزل يهدأ، وصارت العملية أسهل بعد انتشار الجوال، وكثيراً ما يسعى المراهق من وراء المكالمات الطويلة إلى الاطمئنان بأن أصدقاءه راضون عنه، وأنه ليس هناك تحالفات خفية تعمل على إقصائه أو إيذائه.
هـ ـ بين كثير من المراهقين إعجاب متبادل، وهذا الإعجاب كثيراً ما يكون بريئاً، أي ليس له امتداد شهواني، لكنه يقوي الرابطة بينهم، ويكون معبراً لتقليد بعضهم لبعض، واقتباس بعضهم من أخلاق بعض، وهو على ما فيه من براءة يسبب بعض الآلام النفسية للمراهق، والكثير من القلق ولا سيما حين يشعر المراهق بأن من يتعلق به قد أعرض عنه، أو أنه تعلق بشخص آخر.
و- يبدي المراهق استعداداً قوياً للتضحية من أجل أصدقائه وهو يفخر بذلك بل إنه قد يكون مستعداً لتحمل نتائج خطأ ارتكبه صديقه، وذلك حين ينسب الخطأ إلى نفسه، الخبر السار في كل هذا هو أنه مؤقت، فهو يضمحل كلما درج المراهق نحو الرشد.
صراعات في داخل المراهق: لا يصبح الإنسان راشداً ومتوازناً بسهولة، وبما أن المراهقة هي مرحلة انتقالية بين الطفولة والرشد، فإن لنا أن نقول إنها مرحلة مخاض واستعداد لولادة جديدة، وهذا يعني أن المراهقة هي مرحلة اكتشاف للذات وللإمكانات، ومرحلة تحسس للمستقبل الاجتماعي الذي ينتظر المراهق، وهذا الاكتشاف لا يتم بسلاسة، وإنما عبر سلسلة من الصراعات والأخطاء والتجارب المريرة.
اضافةتعليق
التعليقات