• الرئيسية
  • كل المواضيع
  • الاتصال بنا
facebook twitter instagram telegram
بشرى حياة
☰
  • اسلاميات
  • حقوق
  • علاقات زوجية
  • تطوير
  • ثقافة
  • اعلام
  • منوعات
  • صحة وعلوم
  • تربية
  • خواطر

الحب في عالم متغير

زهراء الجابري / الخميس 24 آذار 2022 / منوعات / 2624
شارك الموضوع :

يبدو أن للمناخ العام أثراً في تشجيع صفات معينة في النفس وإجهاض صفات أخرى .. ففي الريف المناخ العام هو مناخ وفاء

إن نظرة عامة على الساحة العاطفية اليوم ترينا أن هناك حالة « فك ارتباط » شاملة ومتكررة في علاقات الحب العصري، وترينا أن ظاهرة الوفاء أصبحت أقصوصة خرافية ورواية غريبة تروى وكأنها عن أهل المريخ، وتكاد الواحدة تقول للأخرى .. من تحبين هذا المساء؟ ولا مانع من أن تتشنج الفتاة ويغمى عليها بكاء وحباً في كل مرة ..

وتبلغ هذه الحمى أشدها في المدن والسواحل وكافيتريات الجامعة .. ثم نراها تنحسر كلما نزلنا إلى الأرياف، أو توغلنا في الصعيد الجواني، أو رحلنا مع البدو .. ونرى أنفسنا نعود مع البداوة إلى الأصالة والوفاء وثبات العاطفة .. ونسمع عن عشاق أقاموا على حبهم حتى الموت .. ولا تمر خيانة زوجية دون قتل ودون دم .. ونرى الوفاء يعود فيكون هو القاعدة ، ونرى نفس هذا الوفاء في الريف الفرنسي والريف الإنجليزي والريف الألماني، كما نراه في جبل الدروز وجبل لبنان .. فإذا نزلنا إلى باريس ولندن وبيروت عدنا إلى نماذج التهتك التي نراها في القاهرة وروما ومونت كارلو .. ورأينا الحجاب يسقط كما يسقط الحياء .. ورأينا فتيانا وفتيات يعشن حياة أشبه بعـروض « الستريب تيز ».

 ويبدو أن للمناخ العام أثراً في تشجيع صفات معينة في النفس وإجهاض صفات أخرى .. ففي الريف المناخ العام هو مناخ وفاء .. يلقى الفلاح البذرة في الأرض، فلا يخونه المطر ولا يخونه النيل ولا تخونه الشمس، وإنما يجد الوفاء بالوعد هو القاعدة عند الجميع .. وإذا اجتهد في الحرث والري أعطت الأرض ثمارها في الميعاد دون غدر .. ثم إن كل شيء يسير ببطء وهوادة دون هرولة ودون انفعالات ودون مفاجآت .. وتتجاور العائلات وتتزامل وتتصاحب وتتقاسم الخير والشر حتى الموت .. فلا عجب إن أثمر هذا المناخ وفاء عند الناس الذين يعيشون فيه.

ويختلف الأمر تماماً في مدينة على الساحل يحج إليها السياح كل يوم، وتلقى البواخر بأطنان من النساء والرجال من هواة المتعة، وطلاب التغيير على الشاطئ بين ساعة وأخرى .. والكل يتسابق إلى الدفع في سبيل اصطياد لذة جديدة.

كما يختلف الأمر في كافيتريا بالجامعة تتداول عليها طوابير طوافة من المراهقين والمراهقات، وتطن فيها الغرائز والشهوات طنين النحل في خلية .. وتلتهب الأنظار والأسماع بما ترى وتسمع. ثم حياة المدن .. التي لم يعد فيها الإنسان ينتظر من السماء شيئا .. وإنما أخذ زمام الأمر في يده وبدأ يدير كل شيء بالأزرار والرادار والأقمار الصناعية، فخيل إليه أنه لا سماء هناك ولا رب ولا مهيمن سواه.. فألقى بالأوامر والشرائع والأعراف والتقاليد وراء ظهره، كما يلقى بتركة بالية وانطلق يعيش على هواه .. ولم يعد الواحد منهم يرى غير نفسه وغير ما يشتهي، وغير ما تأتي به اللحظة من حظوظ وملذات. وتلك هي الحياة المادية الصرفة.

وحينما يعيش الإنسان حياة مادية صرفة .. فإنه ينفصم تماما إلى لحظات .. وحالات .. ونزوات .. لا رباط بينها .. إلا استهداف اللذة .. والشهوات بطبيعتها سريعة الملل، سريعة الضجر طلابة للتجديد والتغيير لتظل على اشتعالها. ومن هنا تأتي هذه الحالة العامة من « فك الارتباط » المتكرر والعلاقات الطيارة .. ونرى الساحة وقد انقلبت إلى جبلاية قرود، تتلاقح وتتسافد فيها الإناث والذكور بلا قاعدة سوى لقاء المصادفة. والغريب أن النفس في هذه الحياة لا تزداد شبعاً، بل تزداد جوعًا ولا تزداد امتلاء، بل تزداد خواء .. ثم هي تنتهى إلى حالة من الظلمة الحيوانية والقسوة والبلادة .. ثم تنتهى آخر الأمر بفساد الفطرة إلى اليأس والجنون وطلب الانتحار. ولهذا نجد أعلى نسبة للمجون والانتحار في بلاد الترف والتحلل، والإشباع الجنسي مثل روسيا وأمريكا والسويد والنرويج .. ولا نجدها بين الذين يعيشون حياة الريف أو حياة البداوة أو حياة الجبل .. كما لا نجدها إطلاقاً بين أهل الإيمان، وأهل الوفاء وأهل المثل والقيم.

ويظل هؤلاء الماديون على غوايتهم لا يفيقون إلا على زلزال، أو طوفان أو بركان أو وباء مهلك، تعجز أمامه حيلهم ومعارفهم، فيتوقف الواحد منهم وقد شل عقله تماما وهو يرى قوة أخرى غير قوته، وإرادة أخرى غير إرادته تعمل في الكون. فإذا مضت الحادثة، وانصرف آخر عامل إنقاذ، عاد المسرفون منهم إلى عتوهم.. ورأيناهم يفسرون ما حدث بالعبث والقوى العبثية والعشوائية والمصادفات العمياء، وازدادوا بذلك عمى على عماهم، وفاتتهم العبرة، ونسوا التاريخ، ولم يفقهوا أن ما حدث كان صيحة إنذار .. ونفخة أولى في الصور .. ليصحو من يصحو ويفيق من يفيق .. قبل أن تأتى نفخة الصور الثانية فتكون الطامة ..

وتلك كانت رواية التاريخ التي تعددت فصولا. وتلك كانت قصة عاد وثمود وقوم نوح وقوم لوط. وتلك كانت سنة الله في الأرض. ولن تجد لسنة الله تبديلًا ، وإنما الحب وروايات أهل الحب مثال من ألف مثال ..

والفطن اللبيب من يعرف كيف يقرأ التاريخ، وكيف يحل رموز حجر رشيد، ويفقه الحكمة الخافية والعبرة المستترة وراء الحوادث اليومية التي تبدو من السطح؛ وكأنها تداعى المصادفات .

من كتاب (عصر القرود) لمصطفى محمود
الانسان
الحب
العاطفة
التفكير
الشخصية
شارك الموضوع :

اضافةتعليق

    تمت الاضافة بنجاح

    التعليقات

    آخر الاضافات

    بين الغدير وعاشوراء.. نُدبة

    خطورة خبراء الحكومات المستبدة

    ليست للياقة وحدها.. الرياضة قد تفتح لك أبواب النوم العميق

    بوصلة النور

    هذا هو الغدير الحقيقي

    أسعار القهوة تصل إلى مستويات قياسية .. ما السبب؟

    آخر القراءات

    مايكروسوفت تخرج من النمطية وتدلل موظفيها بمكاتب فوق الأشجار

    النشر : الأربعاء 18 تشرين الاول 2017
    اخر قراءة : منذ ثانية

    الشباب و الزحف الالكتروني!

    النشر : الأحد 04 حزيران 2017
    اخر قراءة : منذ 9 ثواني

    نادي أصحاب الكتاب يناقش: قراءة نفسية في واقعة الطف

    النشر : الأربعاء 20 ايلول 2023
    اخر قراءة : منذ 11 ثانية

    شذا من العبق الأجمل في تفسير الأمثل.. مفهوم الغيث في القرآن

    النشر : الأثنين 02 كانون الثاني 2023
    اخر قراءة : منذ 12 ثانية

    للمرأة في يومها العالمي.. حقوق ومطالب

    النشر : الأحد 10 آذار 2019
    اخر قراءة : منذ 14 ثانية

    رحى

    النشر : الأربعاء 21 تشرين الاول 2020
    اخر قراءة : منذ 16 ثانية

    الأكثر قراءة

    • اسبوع
    • شهر

    وميض من التاريخ: تتويج إلهي بالولاية

    • 1074 مشاهدات

    الخلود في زمن التفاهة: كيف ينتصر علم الإمام علي على مادية العصر

    • 1025 مشاهدات

    جمعية المودة والازدهار تُنظم ملتقى "خادمات المنبر الحسيني" الثالث

    • 374 مشاهدات

    الغدير.. وعد السماء للمؤمنين

    • 369 مشاهدات

    هذا هو الغدير الحقيقي

    • 355 مشاهدات

    عارضٌ ينقَدح، وعقولٌ تَميل.. وصيةٌ عابرةٌ للأزمان

    • 342 مشاهدات

    هاجر حسين كقارئة: طموحات مستقبلية ورسالة ملهمة

    • 3462 مشاهدات

    القليل خير من الحرمان

    • 1089 مشاهدات

    وميض من التاريخ: تتويج إلهي بالولاية

    • 1074 مشاهدات

    الترند الجديد "لابوبو".. صدفة أم واحدة من أنجح حملات التسويق في 2025؟

    • 1028 مشاهدات

    الخلود في زمن التفاهة: كيف ينتصر علم الإمام علي على مادية العصر

    • 1025 مشاهدات

    شهيد العلم والمظلومية.. دروسٌ من سيرة الإمام الجواد للشباب المسلم

    • 1000 مشاهدات

    facebook

    Tweets
    صحيفة الكترونية اجتماعية ثقافية بادارة جمعية المودة والازدهار للتنمية النسوية

    الأبواب

    • اسلاميات
    • حقوق
    • علاقات زوجية
    • تطوير
    • ثقافة
    • اعلام
    • منوعات
    • صحة وعلوم
    • تربية
    • خواطر

    اهم المواضيع

    بين الغدير وعاشوراء.. نُدبة
    • منذ 17 ساعة
    خطورة خبراء الحكومات المستبدة
    • منذ 17 ساعة
    ليست للياقة وحدها.. الرياضة قد تفتح لك أبواب النوم العميق
    • منذ 17 ساعة
    بوصلة النور
    • الثلاثاء 17 حزيران 2025

    0

    المشاهدات

    0

    المواضيع

    اخر الاضافات
    راسلونا
    Copyrights © 1999 All Rights Reserved by annabaa @ 2025
    2025 @ بشرى حياة